المساء
خيرية البشلاوى
حلاوة زمان
ماسبيرو يستعيد حلاوة زمان. إذ يمكن للمشاهد أن يمضي مع برامجه المتنوعة في القنوات العديدة التي تبثها ليالي مسلية وممتعة ومثقفة في آن واحد وكذلك يمكن حسب تجربتي الشخصية يوم الخميس "أول أمس" أن ننتقل من برنامج لفيفي بحلاوة زمان وبتقديم مذيعة محترمة وجميلة تعرف كيف تختار بنود البرنامج وكيف تصل في نهايته الي إرضاء الجمهور الذي لايكف عن تعبيره عن الاعجاب عبر تعليقاته ورسائله المباشرة.
"حلاوة زمان" من البرامج المشبعة وجدانيا المريحة جدا عند النظر الي تفاصيل كثيرة تتيحها الأغنيات القديمة التي تعيد الثقة في ذوق راق افتقدناه في الملابس والاكسسوارات واختيار كلمات الاغاني والالحان التي تعيد صياغة مفهوم "القوة الناعمة" فالتأثير الذي احدثه البرنامج يتحقق من خلال الفيض الغامر للطاقة الايجابية التي تولدها أغاني "شادية" ووردة وعبدالحليم وفايزة أحمد وعبدالوهاب مع مواقف من أفلام الأبيض والاسود تعيد الي الروح المعنوية قوتها.
فالقوة الناعمة تعني الطاقة الخلاقة التي يتم شحنها تلقائيا أثناء الفرجة فمن "حلاوة زمان" انتقلت الي ضيف "عزيز جدا" الذي اختارته مقدمة الحلقة الدكتورة مني سراج التي حاورت واحدة من أعز الناس فعلا وهي المذيعة النموذج "سناء منصور" التي تكشف من خلال السؤال والاجابة عن عمق التجربة مع بساطة آثرة . وإلمام جيد بما تعنيه المذيعة ودورها وقدرتها علي اختيار المادة عندما تقف أمام الميكروفون أو امام كاميرا المصور داخل الاستوديو او حين تتولي ادارة جهاز اعلامي ضخم جداً ومؤثر.
مقدمة البرنامج وضيفتها نموذجان مشرفان جدا للمرأة المصرية لو تأملت قدرتها علي اختيار ألوانها وتصميمات ملابسها والأهم صياغة المادة في برنامج حواري لا يقدم التسلية فقط وانما الدرس العملي لدور الاعلام الذي يجمع في سلاسة وفطنة بين المادة المسلية والمثقفة والمريحة التي لا تخدش ولا تتجاوز ولا تتعالي علي المتفرج.
بعد سناء ومني وأعز الناس تابعت باهتمام برنامج "اشاعة ولا" الذي تقدمه الدكتورة حياة عبدون وهي في نفس الوقت من تختار الموضوع وضيفة البرنامج وفي الحلقة الاخيرة التي شدتني الي متابعتها كان ضيفها الدكتور أيمن شبانة استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الذي ناقش موضوعا غاية في الاهمية وهو العلاقة التاريخية بين مصر والسودان وحجم التهديدات التي تتربص بهذه العلاقة الي جانب موضوعات اخري آنية وشديدة الأهمية تلقي الضوء علي جوانب من خريطة المصالح والدوافع الشريرة التي تحرك دولاً عربية وأخري اقليمية الأمر الذي يلفت الانتباه الي الكثير مما يحدق بنا كمصريين والتحديات التي تطرحها الظروف وتحتاج منا الي قدر كبير من المسئوولية وتحمل تبعات مرحلة وحروب ضد الإرهاب لا تنحصر في ميدان وانما تتفرع كالسرطان في ثنايا الجبال وتتمدد الي داخل المدن الخ..
بعد هذه البرامج الحوارية بنماذجها الطيبة من مذيعات تسبق اسماؤهن حرف د. اي يحملن شهادة الدكتوراه وشهادات خبرة من شأنها أن تحول البرامج الخفيفة مثل "حلاوة زمان" الذي تقدمه آيتن الموجي والذي يغمر المتفرج بدفء مشاعر الحنين وعذوبة المعاني العربية الجميلة التي ألفها مجموعة شعراء غنائيين كانوا ومازالوا يمثلون ثروة وكتائب حافظة للتراث واللغة والثقافة وتذكرنا بضرورة تطوير الأغنية العربية وبالذات الاغاني الشعبية التي أصبحت تعبر عن ذوق يعكس تطورا بقدر ما يشير الي حالة من التراجع الفني والسلوكي وبعد هذه الاوقات الحلوة مع برامج "ماسبيرو" جاء مسك الختام وانا أتاهب للنوم راضية مرضية متمثلا في جزء من مسلسل "بوابة الحلواني" ومؤلفه المبدع محفوظ عبدالرحمن ومجموعة الممثلين الذين رحل معظمهم واخراج إبراهيم الصحن ولكنهم بقوا بيننا بأعمالهم يجددون الحلم الممكن في استعادة كامل لياقتنا الإعلامية التي ميزت "ماسبيرو" تلك القلعة التي كانت وأيضا كامل قدرتنا ولياقتنا في الذود عن ميراثنا الثقافي والإنساني والقيمي مدعومين بالاسلحة الناعمة فعلا وليست الخشنة الخادشة للجمال والتي تولد الجراح.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف