محمد صابرين
الأسرار بدأت تتكشف لمن يلعب «بخيوط الإرهاب»!
في عالم متغير وهادر بسرعة فان البحث عن اليقين يبدو مجهدا، كما أن الأحداث المعقدة علي المسرح الإقليمي والدولي تثير من الأسئلة أكثر مما تقدم من الأجوبة، ومما لا شك فيه أن ما يحدث في الإقليم والعالم من صراعات أو تفاهمات يترك آثاره علي ما نشهده في الملعب المحلي المصري. ولعل أهم ما يؤرقنا هو «الإرهاب» وبينما يتطلع الرأي العام إلي «أجوبة بسطية» فان أحداث الإرهاب هي مجرد «قمة جبل الثلج» الظاهرة للعيان، ولكن ما تحت السطح أمور كثيرة متشابكة ومعقدة. وهنا فان علينا أن نتوقف ولو قليلا أمام ما يعرف باستخدام العنف »لتحقيق أهداف سياسية، وأحسب أن الذاكرة ستطول بداية من استخدام لينين لتدمير الإمبراطورية الروسية، وذلك من قبل الإمبراطورية الألمانية، وما أصبحنا الآن نعرف عن تجنيد الأمريكان لتروتسكي في الثورة البلشفية ونهب ثروات روسيا وبالطبع لم تكن بريطانيا بعيدة، أما في الحالة المصرية فان بريطانيا والغرب استخدموا «الإخوان» في تنفيذ أجندتهم السياسية، والثابت الآن وفقا لتصريحات هيلاري كلينتون في جلسة مغلقة أمام الكونجرس أن الولايات المتحدة استخدمت «الأفغان» وما أصطلح ساعتها علي تسميته بالأفغان العرب« لمحاربة السوفيت، وتحقق لإدارة ريجان ما أرادت، وكانت النتيجة «القاعدة» و «طالبان» والتي تفرع منهما الآن «طالبان باكستان» و«داعش» وغيرهما، اذن السؤال: هل انتهت الحاجة لمثل هذه الوصفة ـ تنظيمات إرهابية وشعارات اسلامية متطرفة لخدمة أهداف أجنبية ـ وأحسب أن الإجابة هي بالطبع لا؟! وإذا كان ذلك كذلك فعلينا الاعتراف بأن المعركة ممتدة، وأن «الأجوبة البسيطة» ليست كافية لشرح الإرهاب، أو شرح حجم الاستهداف ضد مصر؟
والمدهش أن الغرب يتهم قطر بتمويل الإرهاب، ولم يعد الأمر هينا بل إن بعض الصحف العربية دخلت علي الخط. فقد ذكرت صحيفة «المنار» الفلسطينية أن تميم بن حمد أمير دولة قطر قام باستدعاء عدد من قيادات جماعة الإخوان في العاصمة القطرية بهدف تصعيد الأعمال الإرهابية ضد مصر. وأشارت الصحيفة إلي أن رئيس جهاز الاستخبارات القطري وأحد مستشاريه المكلف بالاتصال بجماعة الإخوان الإرهابية حضر اللقاء الذي عقد في قصره، ونقلت الصحيفة عن مصادر خليجية قولها إن تميم وجه سيلا من الشتائم والانتقادات لهذه القيادات الإخوانية، واتهمهم بالعجز وهددهم بقطع التمويل. وأوضحت الصحيفة أن «الخلايا الإخوانية» الموجودة في ليبيا والسودان لم تعد قادرة علي تكثيف عمليات إرسال السلاح والمرتزقة إلي داخل مصر نتيجة تشديد الجيش المصري للإجراءات علي الحدود مع الدولتين، وكشفت المصادر الخليجية للصحيفة عن أن نظام تميم وجهات حليفة، يقومون منذ فترة باستقطاب عناصر إرهابية من داعش وعصابات النصرة لدفعها إلي داخل الساحة المصرية. وهنا يثور سؤال: لماذا يفعل تميم ذلك؟ والجواب من «المنار» الفلسطينيةالتي تقول إن «حاكم قطر يري في استقرار مصر وثباتها خطرا يهدد امارته» وأحسب أن ما يتم تداوله في «الدوائر الخاصة» عن تآمر قطر حتي ضد دول صديقة لها بات من الأمور المعروفة، كما أن شبكات التواصل الاجتماعي مليئة بمكالمات تثبت تورط حاكم قطر السابق ضد ليبيا وسوريا.
ويبدو أن النظام القطري بات في عين الاعصار، فقد كشف موقع «مؤسسة الثقافة الاستراتيجية» في مقال علي موقعه علي الانترنت عن أن المحقق الأمريكي سيمور هيرش قال إن وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلاري كلينتون قد وافقت علي ارسال أسلحة كيماوية ليبية «غاز السارين» إلي المتمردين السوريين وفي مقالين في مجلة «لندن ريفيو أوف بوكس» كتب هيرش تحت عنوان «من هو صاحب السارين»؟، ومقال آخر «الخط الأحمر وخط الفئران». الخطير في الأمر أن سيمور هيرش كشف عن وجود اتفاق سري في 2012 ما بين الولايات المتحدة وتركيا ودولة أخري لشن هجوم بالكيماوي والقاء اللوم علي النظام السوري وبشار الأسد.
وذلك حتي تتمكن الولايات المتحدة من غزو سوريا والاطاحة بالأسد.. ووفقا لبنود الاتفاق السري فإن التمويل سيأتي من تركيا وقطر، في حين أن وكالة الاستخبارات الأمريكية ووكالة الاستخبارات البريطانية «أم ـ أي ـ6» سوف يتوليان مهمة الحصول علي الأسلحة الكيماوية من ترسانة القذافي إلي سوريا.
ومن المثير أن موقع «ميدل ايست مونيتور» البريطاني قد كتب يوم الأربعاء 12 أبريل الحالي أن روسيا تتهم بريطانيا بدعم الإرهاب، وأشار الموقع إلي أن مندوب روسيا لدي الأمم المتحدة فلاديمير سافرونكوف أكد في جلسة مجلس الأمن التصويت علي مشروع قرار ضد سوريا، أن بريطانيا تقوم بتسليح الجماعات المسلحة التي تقاتل المسيحيين في أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك الجماعات التي هاجمت الكنائس يوم الأحد. وذلك في اشارة إلي التفجيرات المفجعة التي وقعت في مصر مؤخرا، وراح ضحيتها عشرات الشهداء والمصابين.
وأحسب أن دولة بحجم روسيا لا تلقي اتهامات خطيرة كهذه هكذا، ولكن علينا أن نتوقف أمام زيارات غامضة وخاطفة لوزراء خارجية دول كبري وعريقة للقاهرة ـ من بينها وزير خارجية بريطانيا بعد أيام من عملية جبل الحلال، وأحسب أن «القاهرة الرسمية» توقفت كثيرا عن «الكلام المباح» واكتفت بجمل مفيدة.
وأحسب أن لندن مازالت مريبة، كما أن موقفها مثير للشكوك من جماعات الإسلام السياسي التي أصبحت الآن موضع شك، بل واتهام صريح لأنها تنشر التطرف والغلو، كما أنها متورطة في العنف، وأنها جميعا خرجت من «عباءة الإخوان»، وأن الأخيرة هي من قدمت العنف لتحقيق أهداف سياسية، وهنا فان الحكومة البريطانية لم تطرح للعلن تقريرها الذي أعدته عن جماعة الإخوان، ولكن الأشد غرابة أن لجنة الشئون الخارجية بالبرلمان البريطاني تسارع إلي اجراء تحقيق في تعامل الحكومة مع ملف الإخوان، وبرغم كل شيء إلا أن التقرير يقول إن الحكومة لن تصنف الجماعة كمنظمة إرهابية، وأن الجماعة تصرح بأنها لا تطمح إلي تحقيق أهدافها من خلال العنف؟!.
وأحسب أن الإخوان أنفسهم هم من يعلنون تبني العنف والإرهاب، وأن الشواهد كلها المتاحة تؤكد إرهاب الجماعة، ولكن مثلما يقول الكاتب الإيطالي جيوليو مويتي في مقال نشره في «الفوجكيو» الإيطالية، فأن بريطانيا باتت تعرف الآن «لندنستان»، وأنها أغلقت 500 كنيسة وأقيم بها 423 مسجدا معظمها ـ فيما عدا 20 ـ للمتطرفين.
ويبقي أن الأسرار والألغاز أطول وأعقد من محاولات فك طلاسمها إلا أن اليقين هنا هو أن «الإرهاب» يؤدي وظيفة، ومصلحة لأطراف هنا وهناك؟!