أحمد عبد التواب
من قال إن الرئيس مُنَزَّه!
استكمالاً لمقال الأمس، عن المعترضين بغير فهم على تطوير الجيش المصرى بأحدث الأسلحة، فإنهم، أيضاً، يخلطون بين ما يمكن أن يكون حقهم فى إبداء تقديرهم لصعوبة أو استحالة تحقيق إنجاز ما، مثل المشروع الطموح باستصلاح مليون ونصف المليون فدان، وبين أن يبدو توجههم وكأنه رفض للتنمية وللسعى لتوسيع الرقعة الزراعية، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء أو الحدّ من الاستيراد! وفى قضية أخري، يدلّلون على صحة موقفهم الرافض لفرض حالة الطوارئ، بوقوع جريمة إرهابية فى بدايات تنفيذ الطوارئ! ويتهكمون بأنها عجزت عن منع الإرهابيين! وهو فهم لا ينمّ عن إدراك التعقيدات. وكأنه يمكن لحالة الطوارئ أن تمنع فوراً كل العمليات الإرهابية! وإذا كان يصعب عليهم الاستنتاج، فكان يمكنهم المشاهدة ومتابعة أن فرنسا فرضت الطوارئ زمناً ولا تزال تتعرّض للإرهاب! وقُلْ نفس الشئ فى مواقف كثيرة، مثل خطة انتشال نحو مليون مواطن من بؤس الحياة فى مواقع الخطر، جوار المزلقانات ومخرّات السيول وبؤر التلوث المميت، فيعترضون بأن هذا غير كافٍ لحل مشكلة الفقر..إلخ!
المؤكد أن هذا لا يعنى أن سياسات الرئيس والحكومة منزَّهة عن الخطأ أو أنها معصومة من النقد، وإنما المقصود تأكيد الفوارق السياسية بين الاعتراض والمعارَضة. هؤلاء يعترضون مثلما يفعل البسطاء، فى تعبير عن الضّجر أو التّعجل أو الانطباع السطحى أو ما شابه ذلك. أما المعارَضة السياسية فهى شئ آخر، هى بديل الحكم، وهى تسعى للوصول للحكم بالأساليب الديمقراطية، والمعارضون يعون الشروط التى أهمها أن يكون لهم برامج مختلفة واضحة، إضافة إلى عناصر بشرية بديلة يمكنها الاضطلاع بالمسئولية، وعلى أن يتسق كل هذا فى حركة سياسية مبادِرة لا تكتفى بردود الأفعال نحو ما يصدر من الحكم. وأما الهدف السامى فهو الحصول على ثقة الناخبين..إلخ. فأين المعترضون من كل هذا؟
هل يتذكر هؤلاء أن لدينا استحقاقاً رئاسياً بعد أقل من 14 شهراً؟ فهل أعدّوا برامجهم؟ هل اختاروا مرشحهم؟ هل تواصلوا مع الناخبين؟ أم أنهم سيُفاجأون ويُعيدون سيناريو المقاطعة؟