بالأمس، كانت ليلة من ليالي الفرح في المدن والقرى والبيوتات السعودية، وقد تابع المجتمع قرارات مليكنا الحبيب سلمان بن عبدالعزيز، وهو يزف لشعبه إعادة البدلات للموظفين والعسكريين، وجملة قرارات أبانت وأكدت ما سبق أن طرحه كاتب السطور في الفضائيات الأجنبية بأن علاقة الشعب بحكامه في السعودية والخليج هي علاقة أقرب لروح العائلة، منها بين حاكم ومحكوم.
لا شك أننا في السعودية مررنا ونمر بمرحلة اقتصادية صعبة، وثمة قرارات اتخذت قبل أشهر مسّت جيب المواطن، كانت مؤلمة وقاسية، بيد أن المجتمع تفهّم في غالبه ما تمرّ به الدولة، التي لم تقصّر بعد الانفراجة البسيطة في أسعار النفط بإعادة تلك العلاوات مباشرة؛ أفرحت كل الأسر التي عانت، وأعطت ايحاء إيجابيا مهما بالانفراجة الكبرى على كل الصعد إن شاء الله، وأشاعت روح التفاؤل في الاقتصاد السعودي، ورؤية 2030 التي تمضي بثبات نحو أهدافها.
إن كانت الطبقات الوسطى والمجتمع ذهبوا في قراءاتهم للقرارات الملكية بالأمس إلى العلاوات التي أنعشتهم، وإن كان الاقتصاديون ذهبوا في قراءتهم إلى تحليل آثار تلكم العلاوات التي عادت، وانعكاسها في واقع الاقتصاد السعودي، وأثرها على الأسواق المالية والبنوك، إلا أن النخب الفكرية والسياسية اتجهت في حديثها لقرارات الاعفاء وتعيين نواب أمراء المناطق، وكان الحدث الأهم فيها، هو اعفاء وزير الخدمة المدنية خالد العرج ، وتشكيل لجنة وزارية للتحقيق فيما ارتكبه من تجاوزات، والحقيقة أنها سابقة -على الأقل في جيلنا- لم نعهدها إلا من مليك الحزم، وفيها إشارات ورسائل صريحة لكل الوزراء.
كم أتمنى أن تسود هذه السياسة في مساءلة ومحاسبة الوزراء ومن دونهم من ذوي المراتب الكبيرة في قضايا الإهمال والفساد والتقصير والمحسوبيات التي نخرت الوزرات للأسف الشديد، وأوصلت عديمي الكفاءة والخبرة لمناصب لا يسـتأهلوها أبدا، وحرموا الوطن من المبدعين الحقيقين والأكفاء الذين انخذلوا لزوايا وأركان معتمة.
كم أتمنى أن تنال هذه اللفتة بمحاسبة وزير الخدمة المدنية تغطيات إعلامية عريضة، وتطرح في برامج حوارية مباشرة، تناقش كل حين بشفافية وجرأة، لنجعلها ثقافة سلمانية دائمة، يضعها الوزير والمدير وكل من ولي منصبا أو تقلد إدارة نصب عينه.
ليلة فرح سلمانية عشناها بالأمس، ولا نملك إلا ندعو لحكيم الأمة على لفتته تجاه مواطنيه، ولنقدم دروسا للجيران والعالم: كيف تكون اللحمة والآصرة بين الحاكم وشعبه؟!