أبو الفتوح قلقيلة
عودة المعلم يعقوب بعد قرنين من موته !
ليس في هذا الأمر أي مجال للشك أو بصيص من ريبة قد تدفع البعض القليل جدا لالتماس الأعذار لهؤلاء الرجال، خاصة إن كان هؤلاء يحملون صفة نواب الشعب.. أي ببساطة متناهية، يفترض في هؤلاء أن يكونوا محافظين بل مقاتلين عن حقوق الشعب وعن سيادة أراضيه.. فما عساك تقول عنهم والمتوقع منهم ومن بعض رموزهم، هو التفريط في جزء غال من الأرض المصرية تحت دعاوى عبثية لا وجود لها في العالم بأسره منذ بدء الخليقة، وحتى الآن، ولقيام الساعة، فلم يشهد العالم، حتى في عصور ما قبل التاريخ وقبل قيام الدول وترسيم الحدود بينها أن ذهب نواب دولة ليقدموا أرضهم هدية لدولة أخرى!.. فلقد بلغ السفه بأحدهم بأن تحدى القضاء المصرى الشريف وقال إنه سيسعى بكل الطرق لإقرار اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية والتي بمقتضاها تذهب جزيرتا تيران وصنافير للمملكة!
المعلم يعقوب لم يمت !
منذ أكثر من قرنين، أتى المحتل الإرهابى نابليون بونابرت مع جيش الاحتلال الفرنسى لغزو المحروسة، وبالقطع الغالبية تعرف تكملة القصة ومقاومة الشرفاء المصريين لهذا الغزو، واستشهادهم في ثورتى القاهرة الأولى والثانية دفاعا عن عرض مصر وشرفها.. كان المصريون جميعا على قلب رجل واحد، ما عدا قلة قليلة خائنة كان على رأس قائمة عارها شخص يسمى المعلم يعقوب.. لم يكتف هذا الخائن مع أشباه البشر أمثال الشيخ البكرى وابنته زينب محظية الطغاة بموالاة العدو الفرنسي بل إنهم قاتلوا ضد المصريين، ومع نهاية الغزوة ورحيل الغزاة تعلق بهم المعلم يعقوب وطلب منهم ألا يتركوه للمصريين بدعوى أن أغلبيتهم مسلمة وهو مسيحى !
رحل معهم.. ولكنه مرض سريعا في أثناء رحلة العودة فقام الفرنسيون بإلقائه في البحر حتى قبل التأكد من وفاته.. نهاية طبيعية لكل خائن يستحقها حتى من أسياده الذين يحتقرونه أكثر من احتقارنا له.. واليوم يبدو أن الكثير صار المعلم يعقوب.. بل إن بعضهم غلب يعقوب في دناءته وفجوره عندما لم يكتف فقط بخيانته بل جاهر بها وأبى أن يكتم عاره، ثم استبد به شيطانه فجرأه على انتقاد أعلى محكمة مصرية موقرة وهى محكمة القضاء الإدارى ومجلس الدولة!
فلتهذب الجزيرتين !
المثير للدهشة أن من يقاتلون شعبيا وقضائيا وإعلاميا ضد التفريط في الجزيرتين هم الأغلبية المفقورة والمهمشة التي لن تستفيد من وجودهم بشكل مباشر في أحضان الوطن.. تلك الأغلبية التي ربما لم تعلم حقا بوجود تلك الجزر من قبل، ولم تذهب للتصييف أو الاستجمام في أي مكان لضيق ذات اليد، لكنها حريصة كل الحرص على تراب وطنها الذي لم تتكسب يوما من ورائه مثل السادة الشرفاء الذين يسعون لتسليم الجزر للسعودية.. فلم ينل أحدهم مركز سيادى في البرلمان أو يؤلف كتبا دفاعا عن حق السعودية في أرض بلاده.. فقط علم أنها أرض بلاده أي عرضه ودمه وأشياء أخرى لا يعرفها كل يعقوب !
إذا ذهبت الجزيرتان وضاعت سيادة مصر عليهما لن ينتهى الأمر عند ذلك وحسب، فكل من سعى للتخلى والتفريط عنهما سيوصم بعار أزلى لن ينساه له المصريون الذين لم تمح من ذاكرتهم خونة من أمثال يعقوب رغم مرور قرنين على موته، لكن الأمر الأكثر فداحة لن يكون فقط تحكم كيانات معادية في مضيق تيران وحسب، بل إن نزاعا مستقلبيا سيلقى بظلاله على العلاقات بين مصر ودولة شقيقة في عصور قادمة ربما تكون أقرب كثيرا مما نتوقع.
نرجو من الله أن يهدى هؤلاء إلى قليل من العقل والحكمة والوطنية والغيرة على أرضنا ويرفضوا إقرار الاتفاقية حتى لا ندخل في مأساة نحن في أشد الحاجة للبعد عنها.