الأهرام
سعاد طنطاوى
وطن بلا أعمدة
سأل رجل أبنه الطبيب الصيدلى ماذا تعرف عن " الناس والجزم " فارتبك الابن وقال لا أعرف الا انها صنعت لتلبس.
فرد الاب قائلا ، ولها فوائد أخرى ، فكما أن هناك اناس تلبس الجزم ، هناك ايضا اناس تلمع الجزم ، كما أن هناك اناس تشترى الجزم ، مقابل أخرون يبيعون الجزم وبلا ثمن ، وهناك اناس تضرب بالجزم - بضم التاء - ، كما ان هناك اناس تلحس الجزم فقال له الابن صدقت والله ، لكن ما حكاية الجزم معك ؟ هل هى قصيدة جديدة ؟ فقال الوالد لا ولكنها جزء من كتابى الجديد الذى يحمل عنوان " وطن بلا أعمدة " فاستنكر الابن اجابة والده وفاجئه بالسؤال ما حكاية الاعمدة معك الم تؤلف سابقا كتابا عن "سقف بلا أعمدة " ؟ فقال الاب " بلى " ولكنى وجدت ان السقف شيىء محدود وصغير يختلف فى معناه عن الوطن الذى لا حدود له .

وبادر ابنه بالسؤال أ تعرف ما هى أعمدة الوطن ؟ فقال له الابن ضاحكا أتختبر معلوماتى أم هو امتحان لى ؟ فقال الاب : لا تأخذ الامر بهذه الحساسية . فأجاب الابن اعلم ان أعمدة الوطن هى قوته الاقتصادية اولا ثم السياسية والاجتماعية . فرد الاب عليه بقوله ما ذكرته ما هو الا أعمدة فرعية يقام عليها الوطن لكن أتدرى ما هو العمود الرئيس للوطن ؟ فقال الابن " لا" فاجابه الاب إنه " الاخلاق " نعم فبالاخلاق تبنى الامم وتبقى ، ثم تبقى معها قوتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية واستأنف مرددا قوله " ويا ويلنا لو فسدت أخلاقنا " " يا ويلنا لو فسدت أخلاقنا" فقد فسدت معها صحتنا ، وتعليمنا ، وقضائنا ، وثقافتنا ، وكل مناحى حياتنا
جلست لحالى اتدبر فى الحوار الذى دار بين الاب والابن ، تذكرت معه الاحداث المؤلمة التى تمر بها البلاد ، كل البلاد التى طالها الارهاب الغاشم الذى لايعرف دين ولا وطن ، تذكرت تفجير كنيستى طنطا والاسكندرية ،ووقوع ضحايا ابرياء من المصريين ، بأى ذنب قتلوا ؟ شهداء الجيش والشرطة ، تدمير المنشأت وتخريب الدور ، قتل النفس التى أمر الله الا بالحق ؟ تخريب الاوطان فى سوريا واليمن وليبيا والعراق ، و الاصرار على النيل من مصر بزعزعة امنها وقد تناسى هؤلاء المخربين ان الله سبحانه وتعالى حفظها فى كتابه الكريم حين قال " ادخلوا مصر ان شاء الله أمنيين " وتناسوا ايضا انه مر عليها من المحن ما سطره الدهر بكثير من ايام الهكسوس حتى عهد الداعشيين الارهابين ولكن ستبقى دائما مصر حرة ابية وستعود ثانية بأخلاق المصريين التى ظهرت جلية امام العالم كله ازاء ضرب الكنيستين ، أخلاق المصريين ، العمود الرئيسى فى بناء هذا الوطن .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف