صالح ابراهيم
ديون الكهرباء.. والتعريفة العادلة
** من المؤكد أن علاقة الكهرباء بالمواطنين عموماً والمستهلك خصوصاً.. لها طبيعتها الخاصة.. تداخل لتكوين هذه الصورة مجالات الاستخدام المتعددة.. منذ إنشاء أولي شركات الخدمة.. التي عرفها المواطن باسم شركة "النور" واعتبرها الطاقة الأهم في شئونه الحياتية والعملية.. خاصة بعد أن نجحت في اختبار الصمود أمام طاقة الفحم.. المشغلة للقطارات.. وطاقة المياه التي اعتمدت عليها الزراعة.. ثم اختيرت لتوليد الكهرباء.. عندما امتدت إلي تشغيل المواصلات "المترو والترام والتروللي وحتي القطار" بنجاح باهر.. وطاقة نظيفة للبيئة.. وكان طبيعياً أن تصل الكهرباء إلي محطات المياه والصرف الصحي كعامل أساسي في التشغيل.. وعندما ننظر حولنا اجتماعياً نجد الأضواء والزينات الكهربائية.. هي الوسيلة المصرية للترحيب بالمواسم والأعياد.. والأفراح وسرادقات العزاء.. وألعاب الملاهي.. والإرسال التليفزيوني والإذاعي.. ولا يستقيم عمل نفق أو كوبري إلا بالإضاءة.. التي أصبحت ايضا من مستلزمات الأمان والأمن.. علي جميع المستويات فما من مكان إلا وبه لمبة عادية أو موفرة.. سهارية تظل مضاءة تحرس القائمين.
** ومع أهمية هذه المقدمة.. لا نستطيع تجاهل الجانب الأهم.. والمتمثل في نجاح قطاع الكهرباء بامتياز التصدي لفورة الاستهلاك.. وقفزات الذروة.. وما صاحبها من انقطاعات مقصودة أو غير مقصودة بالتيار الكهربائي "أطلق عليها تخفيف الأحمال" ونجحت الدولة باستنفار جهود جبارة في تنفيذ الخطط الإسعافية العاجلة.. ثم التعاقد علي برنامج شامل للإحلال والتجديد والتحديث للشبكات والمحطات والبحث عن مزيج جديد للطاقة.. بعد استنفاد طاقة الماء والوقود الاحفوري بأنواعه.. لتتجه إلي رفع إسهام الطاقة المتجددة "الشمس والرياح" إلي 30% بدلاً من 1% وضعها الحالي.. ناهيك عن أضخم 3 محطات توليد تقام حالياً ببني سويف والبرلس والعاصمة الإدارية.. وزيادة بالمحطات القديمة تصل إلي 30% دون وقود عن طريق الدورة المركبة.
** ويعتبر الوضع التشغيلي لمحطات الكهرباء الآن بالمعجزة بكل المقاييس.. وتسبق الخدمة.. مشروعات ومجتمعات التنمية.. ليجدها المستثمرون والشباب جاهزة للانطلاق مع مشروعاتهم.. ولعل هذه الحقيقة حققت إسهاماً فعالاً في تفهم المستهلكين للزيادات الحادثة في تعريفة شرائح الاستهلاك "ضمن الخطة الخمسية لتحرير القطاع وتوفير الدعم لمستحقيه.. إلا أن حوارات الرأي العام الساخنة لها ما يبررها.. لأنها كشفت عن نقاط هامة.. لاستكمال حساب التكلفة إن صح التعبير.. وأولها أن تأتي هذه التكلفة.. خالصة لمفردات الإنتاج ومقتضيات التشغيل.. بل وسداد التمويلات.. وليس كما يحدث الآن.. بعدم الانتهاء من قضية الديون الداخلية للكهرباء وهل من الممكن لبنك الاستثمار القومي حلها.. حيث أنها ديون تبادلية.. بين الكهرباء والبترول ومنشآت المرافق المختلفة "محطات المياه والصرف الصحي".. ثم المحليات والقطاعات التي تديرها.. وليس أفضل كما يقول الخبراء من نظام المقاصة.. لانجاز الديون أولاً بأول مع الحرص علي ترشيد الاستهلاك.. حيث يشعر المواطن العادي بأن المكان بدون صاحب.. كما يحدث بإنارة أعمدة الشوارع نهاراً.. أو فصول المدارس ليلاً.. وهكذا.. وهناك الوضع الشامل بالنسبة لاستهلاك الكهرباء في دور العبادة.. والوضع الخاص الذي تتمتع به مرافقها إلي درجة الاستهلاك المجاني فيما نعتقد.. وكان هذا الأمر مقبولاً عندما كان الاستهلاك معقولاً ومقبولاً.. ولكنه تضاعف عدة مرات.. بالإضاءة المبهرة والتكييف المركزي والاستخدامات الترفيهية للطاقة.. وكذلك التوسع في العيادات ودور المناسبات والخدمات الملحقة بدور العبادة.. مما دعا الكهرباء إلي الاقتراح علي الأوقاف.. باعتماد العدادات مسبوقة الدفع.. وتخصيص أخري لهذه الخدمات وما تناوله الرأي العام عن ملابسات حول الفواتير.
** والجزء الثالث من مديونية الكهرباء.. يتمثل في سرقات التيار والوصلات غير الشرعية.. وعلي سبيل المثال تم تحصيل 803 ملايين جنيه خلال 6 شهور مع فتح الباب للعدادات الكودية بالعشوائيات والعمارات المخالفة. ونأتي إلي جانب مهم من الاستهلاك لم يرد ذكره.. عند مناقشات التعريفة واعبائها.. ونعني به العدادات التجارية.. التي تركب لدي المحال التجارية والمكاتب والعيادات ومكاتب المحاسبة وربما تتضمن المطاعم والكازينوهات والملاهي.. ونجد الشريحة الأولي من صفر إلي 100 كيلووات "وليس 50 فقط مثل محدودي الدخل" ب 35 قرشاً للكيلووات /ساعة.. مقابل 11 قرشاً في المنزلي وتزيد في شريحة ال 600 إلي 69 قرشاً.. من 601 حتي الألف 96 قرشاً.. ونجدها في الشريحة الرابعة تتجاهل الخصم السابق.. لتصبح من صفر حتي ألف ب 96 قرشاً.. ويشترك التجاري هنا مع المنزلي في إلغاء الشريحة السابقة عند تخطي الاستهلاك لحدودها وهو ما يشكو منه مستهلكو المنازل.. يرجعون السبب لعدم قراءة العداد بانتظام.. ويرد المسئولون بالفحص والسؤال.. علي الرغم من أن المنطق السليم يقضي بتكامل الحساب.. يعتمد المسجل في الشريحة التالية.. بعد حساب المسموح به في الشريحة السابقة وبسعرها.. واعتقد أن تقسيم أعباء التكلفة علي المستهلكين بأنواعهم.. خطوة مهمة لعدالة التسعير.. مع الإعلان بشفافية عن مكونات التكلفة الثابتة والمتغيرة.. وتخصيص ما أمكن مزايا سعرية للملتزمين بالترشيد والحفاظ علي الطاقة.. وتحميل من يترك أنوار المؤسسات والمرافق العامة مفتوحة.. جانباً من تكلفة الهدر.. العمدي.. في الاستهلاك لأن الوفر يمكن تصديره عبر خطوط الربط ويحقق دخلاً يساعد الكهرباء علي النمو والتوسع.. بل وتخفيض التعريفة.