لا توجد دولة في العالم تقدس الألقاب مثلما نفعل نحن.. الباشا والبيه والباشمهندس وحضرتك وسعادتك نسمعها يوميا عشرات المرات ولا نتعجب وهي تعكس تقديسنا لفئات معينة.. نحن للأسف لا نحترم إلا أصحاب الياقات البيضاء ونحتقر ما غيرها من المهن لذلك لا تلوموا وزير العدل السابق عندما رفض أن يدخل أبناء الزبالين سلك القضاء.
نظريا وعلي شاشات التليفزيون وفي المقالات وفي الخطب السياسية نقول اننا جميعا علي قدم المساواة ولكن الحقيقة اننا لا نطبق ذلك في حياتنا العادية فنحن نهين الفراش ونحتقر سائق الميكروباص ولا نحترم عسكري المرور ولا نلتفت إلي عامل الدليفري.
يحدث ذلك بوعي أو دون وعي يوميا لذلك ترسخت في كل مهنة ثقافة باعدت بينها وبين المهن الأخري فمثلاً تستطيع أن تعرف مباشرة عمال المعمار من مصطلحاتهم.. ويمكنك ببساطة أن تميز سائق التاكسي من بين العشرات.. وتستطيع بكل سهولة أن تتعرف علي مقاول الأنفار حتي من نظراته.
ولا توجد دولة في العالم يتوارث الأبناء فيها الوظيفة مثلما نفعل نحن.. أبناء أساتذة الجامعات يصبحون أساتذة حتي لو كانوا لا يستحقون.. أبناء ضباط الشرطة يصبحون من رجال البوليس حتي لو كانوا غير لائقين.. أبناء القضاة يقفون علي منصة العدالة حتي لو كانوا لا يفقهون في القانون.. أبناء الصحفيين يمسكون القلم ويكتبون في الصحف حتي لو كان كلاما فارغا.
وزير العدل المستقيل قال الحقيقة وأصر علي رأيه فلا تعلقوا له المشانق ولكن حاكموا أنفسكم لأننا جميعا ننظر باحترام لأصحاب الياقات البيضاء وباحتقار للمهن الأخري.. كلنا لدينا ثقافة زبالة يجب أن نتخلص منها.. كلنا زبالون فلا تلوموا صابر علي انه قال الحقيقة.