المساء
مؤمن الهباء
زيارة الحكيم
زارنا الاسبوع الماضي السيد عمار الحكيم رئيس التحالف الوطني العراقي ورئيس المجلس الاسلامي الاعلي وأحد أبرز القيادات الشيعية في بلده وقد استقبل بحفاوة بالغة في مؤسسة الرئاسة ومجلس النواب ومجلس الوزراء والازهر والكنيسة.. وتحاور مع عدد من رموز الثقافة والسياسة والاعلام وتحدث في تصريحاته وحواراته عن مبادرات سياسية وتعاون اقتصادي لصالح البلدين والشعبين المصري والعراقي والمنطقة العربية بصفة عامة.
ويقينا سوف تكون هذه الزيارة بداية جيدة لو أخذت مبادرات الرجل علي محمل الجد.. ووجدت النيات الحسنة التي تتفاعل معها من منطلق انه لا حل لمشاكلنا وصراعاتنا إلا بالحوار والتفاهم والتعاون العربي العربي.. وأن من التمس النجاة والخلاص خارج الاطار العربي فلن يجد غير الهلاك والضياع.
السيد عمار الحكيم من الوجوه المعتدلة المتفتحة التي تحظي بمصداقية عالية في المجتمع السياسي العراقي والمحيط الاقليمي.. وقد ورث هذه المكانة عن أبيه وجده آية الله العظمي محسن الحكيم.. والتحالف الوطني الذي يرأسه هو صاحب الاغلبية في البرلمان ومع ذلك لم يتقدم لشغل منصب رئيس الوزراء ولا لأي منصب تنفيذي آخر واكتفي بترشيح آخرين لهذه المناصب.
وقد جاءت زيارة الحكيم لمصر في إطار العلاقات الاقتصادية المتنامية بين البلدين انطلاقا من الاتفاق علي تزويد مصر شهريا بمليون برميل من النفط الخام وإحياء مشروع الانبوب النفطي من العراق لمصر مرورا بالأردن.. وهناك احاديث متداولة بقوة عن فرص واسعة لتعاون البلدين من خلال المساهمة في اعمار العراق وتشغيل العمال المصريين وزيادة الصادرات المصرية.
لكن إلي جانب ذلك هناك أهمية أخري لزيارة الحكيم.. فقد جاء الرجل إلي القاهرة حاملا مبادرتين إحداهما وطنية تتعلق بالداخل العراقي والاخري قومية تتعلق بالاوضاع الاقليمية الملتهبة في الخليج وعموم الوطن العربي.. وقد اختار أن يبدأ بمصر علي أمل ان يجد منها التأييد والتشجيع اللذين يدعمانه لدي العواصم الاخري التي سيقصدها.
وتتلخص مبادرة التسويه الداخلية لبناء العراق الجديد في ضرورة التخلص من غلواء الطائفية والمحاصصة السياسية علي أساس عرقي أو مذهبي بعد ان فشلت كل محاولات الاصلاح بناء علي توزيع المناصب طبقا لهذه المحاصصة .. ويطرح بدلا منها الاولويات الخمس للمرحلة المقبلة وهي: "الوحدة والعروبة والسيادة والديمقراطية ودولة المواطنة".
أما المبادرة الاقليمية فتتعلق باقتراح لعقد مؤتمر في القاهرة تشارك فيه مصر والسعودية وتركيا وإيران والعراق لاجراء حوار موسع وصريح بشأن الصراعات والحروب الدائرة في المنطقة ومحاولة إيجاد تسويات واقعية لها.
ولا شك ان الرجل سمع كلاما طيبا في مصر دعما لهذه الرؤية.. فالعراق الموحد العربي الذي يفرض سيادته علي أرضه وقراره ويكفل حق المواطنة المتساوية لكل أبنائه بتنوعاتهم المختلفة وينبذ المذهبية البغيضة هذا العراق يحمي الامن القومي العربي.. وليس أمن مصر إلا جزءاً لا ينفصل عن هذا الامن الشامل كما ان مصر تؤمن بأن الحوار وحده هو طريق الحل الصحيح للحروب والصراعات.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف