قدرى ابو حسين
ويبقي القرار المصري مستقلا
تابعت مع غيري من المصريين زيارة الرئيس السيسي للولايات المتحدة بناء علي دعوة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وهي في الحقيقة زيارة متفردة في كل تفاصيلها ومن الممكن ان توصف دونما مبالغة بالزيارة التاريخية إذ انها أول زيارة رسمية منذ 2009 تجيء بمبادرة من الجانب الأمريكي وهو ما ينبيء عن تقدير الادارة الأمريكية الجديدة في دور مصر الفاعل في المنطقة العربية والمجتمع الدولي كما ان المباحثات التي تمت بين الرئيسين جاءت مبشرة بتدشين علاقة جديدة متوازنة تقوم علي التفاهم والتعاون المشترك واعلان التأييد الأمريكي لمسيرة الدولة المصرية بعد ثورة 30 يونيو وتعهدات صادقة بزيادة حجم التعاون العسكري والاقتصادي كل ذلك في اطار من حميمية غير مسبوقة بين الزعامتين.
من الملاحظ ان التوافق في وجهات النظر حول القضايا الدولية عموما والشرق اوسطية خصوصا كان واضحا للكافة اما قضية الارهاب وهي القضية المحورية بالمباحثات فان تلاقي الافكار ووجهات النظر حولها كان واضحا للعيان.
لم تكن اللقاءات الأخري أقل نجاحا وتوفيقا وكان لقاء الرئيس مع الجالية المصرية والحوارات التي تمت خلالها متسمة بقدر عالي من الحميمية والشفافية أوضح الرئيس اننا بصدد بناء الدولة المصرية من خلال مجموعة من الإجراءات والقرارات القوية والفاعلة والمؤثرة جاء تأكيد علي ان قوة الأمة المصرية من وحدتها الوطنية.
وقد جري البرنامج في مجمله وفقا لتفاصيل اعداده. الغريب في الأمر ان الوفد المصري لم يكن قد غادر اجواء الولايات المتحدة يوم 7/4/2017 الا والاعلام في العالم كله يذيع اخبار الضربة العسكرية التي نفذتها القوات الأمريكية المتواجدة شرق البحر المتوسط من خلال صواريخ بلغ عددها 59 صاروخا جاء ذلك علي عكس سياق التوافقات السابقة ان الحل السياسي هو الحل الأمثل للقضية السورية لكن يبدو ان هوجانية القرار الأمريكي وتسرعه وافتقاده للحكمة والرصانة وضع المنطقة والعالم كله علي فوهة بركان ومازال التهديد بالتصعيد قائما ومازالت افرازات هذا الموقف تتوالي بالسلب علي البشرية ورغم هذا فانه يمكن ايضاح النقاط التالية:
أولا: رد الفعل المصري عما جاء متعقلا رصينا معلنا تمسكه بثوابت الأمن القومي المصري ان مصر رئاسة وحكومة عند رأيها بأنه لا حل للقضية السورية الا بالحوار السلمي وان الرئاسة السورية قضية لا يحسمها الا الشعب السوري دون سواه وان مصر تستنكر الحلول العسكرية والتي تأتي بعيدا عن مظلة الأمم المتحدة والقانون الدولي.
ثانيا: تهافت بعض الدول والدويلات لتأييد الضربة الأمريكية وخاصة من لهم انتماء عربي يضعف الموقف ويهز كيان الأمة العربية لابد للجميع ان يأخذ في الاعتبار ان من ايد اليوم سوف يندم غدا عندما يأتي عليه الدور وهنا يصدق المثل الأمريكي "أكلنا عندما أكل الثور الأبيض".
ثالثا: الانفعال الشعبي والحمية العربية والتعاطف غير المسبوق مع الدولة السورية شعبا وقيادة وجيشا يؤكد انه مازال مفهوم الوحدة العربية مستقرا في الوجدان العربي من المحيط إلي الخليج ولا يبقي لتفعيله الا قيادات مؤمنة بالقضية العربية.
رابعا: لا بأس ان تكون في اللقاء المصري الأمريكي جوانب ايجابية يتم التمسك بها وجوانب اخري لا يمكن التوافق عليها لكن يبقي القرار المصري قرارا مستقلا نابعا من المصلحة المصرية وهو الموقف الذي نتمناه مع الولايات المتحدة وغيرها.
عموما الفترة حبلي بأحداث جسام سوف تنبيء عنها الايام القادم بقي علينا ان نتصف بالحكمة والموضوعية والانتماء في كل أمورنا.