الوطن
ناجح ابراهيم
العرب بين وعد بلفور وترامب
ألفا جريح فلسطينى من المدنيين العزل سقطوا برصاص الجيش الإسرائيلى، لم يرتكبوا جرماً أو ذنباً يستحقون به هذه المذبحة، يتدفق الجرحى على مستشفيات غزة التى تعانى الحصار الكامل، نقص فى المعدات والأدوات الطبية والأدوية، فى منتصف الجراحة تنقطع الكهرباء، فيتوقف الجميع عن إتمام الجراحة حتى يتم توصيل حجرة العمليات بالمولد الاحتياطى للمستشفى، التعب والإرهاق البدنى والنفسى أصاب الأطباء والطواقم الطبية، بعضهم يعمل رغم أنه لم يقبض مرتبه منذ عدة أشهر.

أما الشهداء فقد بلغ عددهم 61 شهيداً فى يوم واحد سُمى «مذبحة الاثنين»، الذى جاءت فيه إيفانكا ترامب مع زوجها الإسرائيلى الهوية والهوى للاحتفال بنقل السفارة الأمريكية للقدس، جاء الاحتفال بلون الدم، أفسدت المذبحة نشوة الثنائى الأمريكى الإسرائيلى.

العالم كله لم يتحرك، فى حين أنه ينتفض إذا قُتل مدنى إسرائيلى، كلهم يدين ما سموه «الإرهاب الفلسطينى»، ولكن حينما يُقتل 61 مدنياً فلسطينياً فى مجزرة الاثنين لا تسمع للعالم صوتاً، فلسطينيون ليس معهم سلاح ولا متفجرات يقتلهم الجيش الإسرائيلى لأنهم يطالبون بتحرير وطنهم.

العالم العربى كان أكثر صمتاً من غيره، جنوب أفريقيا سحبت سفيرها من إسرائيل، ولكن بعض العرب يدينون المجنى عليه، أو يتخلون عنه على الأقل.

أما الأمم المتحدة فأصدرت قراراً بتكوين لجنة تحقيق دولية لكشف ملابسات المذابح الإسرائيلية التى قُتل وجرح فيها المئات، ولكن إسرائيل بمنتهى الصلافة رفضت استقبال اللجنة، أمريكا وأوروبا والعرب أيضاً صامتون، تحركت مظاهرات فى إندونيسيا وتركيا وبعض البلاد الأوروبية، أما بلاد العرب فلم تحرك ساكناً، القضية الفلسطينية فى عهد التحالف العربى الإسرائيلى الأمريكى تشهد التصفية النهائية على حساب الفلسطينيين.

هذه التصفية التعسفية هى خلاصة «صفقه -أو صفعة- القرن» التى سيعلنها تاجر الابتزازات العالمى ترامب، والصفقة ستعلن من جانب واحد هو الأمريكى غالباً وسيشمل تسوية سياسية تخرج القدس تماماً من المفاوضات وتلغى حق العودة، وسيكون تمويل تعمير غزة والاتفاق ودفق الأموال على الخليج طبعاً.

هذه هى أكذوبة ترامب، إسرائيل ستأخذ كل شىء ولن تدفع شيئاً، وسيحصل ترامب فى المقابل على نوبل للسلام، على حساب العرب وفلسطين، دائماً ننسى مأثورة د.مصطفى الفقى «اللى متغطى بالأمريكان عريان»، أضيف إليها اليوم أن أمريكا أصبحت رائدة فى الغدر ونكث العهود والانبطاح التام أمام المطامع الإسرائيلية التى لا تنتهى.

فلسطين ضاعت بين وعد بلفور ووعد ترامب، فأمريكا مثل بريطانيا ترى الفلسطينيين دوماً بعيون إسرائيلية.

إسرائيل تعربد فى المنطقة وتقتل سكان الأرض المدنيين الأصليين ولا تراه أمريكا إرهاباً، شعب فلسطين عامة وغزة خاصة يعيشون فى سجن كبير مغلق محاط بالأسوار.

بلفور وترامب لا يختلف أحدهما عن الآخر، الأول وهبهم فلسطين والثانى وهبهم القدس وشرعن احتلالها. كل الاحتلال انتهى من العالم إلا الاحتلال الإسرائيلى، أرض العرب مقسمة بعضها محتل من إسرائيل والآخر تحتله بسيف المعز وذهبه ومذهبه فالميليشيات التابعة للحرس الثورى الإيرانى فى كل مكان من أرض العرب.

لا مكان لسكان بلاد العرب الأصليين، معظمهم هاجروا أو هُجّروا، إسرائيل وإيران يحاربان على أرض العرب وبدماء العرب وبأموال العرب، بعض العرب حليف لإيران، والبعض الآخر حليف لإسرائيل. كنا نحلم بوحدة العرب، واليوم نحلم بألّا تحارب جيوش العرب بعضها بعضاً، كل العالم لا يعرف الميليشيات المسلحة إلا بلاد العرب، فيها مئات الميليشيات التكفيرية أو الشيعية، كل يغنى على ليلاه، ويحارب بالوكالة عن الآخر.

أحياناً يغضب الأسياد «إسرائيل وإيران» من تعدى أحدهما على نفوذ الآخر فى بلاد العرب، فيتم الصراع لوضع كل خصم فى حجمه، وأيضاً فى بلاد العرب وبدمائهم وعلى نفقتهم، فهل بقى شىء فى أمة العرب؟

والغريب فى الأمر أن بعض العرب معجب بـ«ترامب» وبعضهم يصفق لإسرائيل وآخرون يهللون لإيران.. وأمجاد يا عرب أمجاد.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف