بوابة الشروق
نجاد البرعى
نوبل.. إلى من يستحقها!!
أربع هيئات مدنية تونسية «الاتحاد العام التونسى للشغل؛ الاتحاد التونسى للصناعة والتجارة، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان ؛الهيئة الوطنية للمحامين التونسيين» فازت بجائرة نوبل للسلام. قامت المنظمات المدنية الاربع برعاية الحوار الوطنى الذى اسفر عن دستور توافقى إبان الازمة السياسية الحادة التى كادت ان تعصف بتونس عام ٢٠١٣. عوامل متعددة ساهمت فى نجاح المجتمع المدنى هناك وفشله هنا. العامل الاول يتعلق بطبيعة النظام السياسى بعد الثورة. سقط الرئيس «مبارك » ولكن الكثير من مساعديه استمر فى السلطة. مهمتهم الاساسية كانت تدمير المجتمع المدنى انتقاما للدور الذى قام به فى ثورة يناير ٢٠١١. لم يكن غريبا ان تتهم وزارة عصام شرف فى بلاغ رسمى «كل المنظمات الحقوقية الجادة » بالعمالة للخارج قبل ان يمر على سقوط مبارك اربعة اشهر. فى تونس سقط «بن على» ومعه نظامه. لم يتم السماح لمن كانوا يحكمون معه بأن يظلوا فى السلطة بعد فراره. العامل الثانى يتعلق بالاستقلالية. المؤسسات المدنية التونسية استطاعت المحافظة ــ قدر الامكان – على استقلاليتها فى مواجهة الدولة هناك. الاتحاد التونسى للشغل ظل محتفظا باستقلال نسبى، فى الوقت الذى كانت فيه الدولة المصرية تتحكم بالكامل فى اتحاد عمال مصر. والامر ذاته يمكن ان ينسحب على كثير من الكيانات المدنية المصرية. العامل الثالث هو عدم القدرة على الوصول إلى تفاهمات. فالاحزاب المصرية لم تتعلم بناء التحالفات أو الوصول إلى تفاهمات مع المنافسين السياسيين بالدرجة نفسها التى استطاعتها الاحزاب فى تونس. رفض الإخوان المسلمين الوصول إلى أى تفاهمات مع القوى السياسية المناوئة لهم. على العكس فإن حركة النهضة الاسلامية فى تونس قدمت تنازلات جوهرية لإنجاح الحوار الوطنى. العامل الرابع هو ضعف المؤسسة الامنية هناك مقارنة بمثيلتها فى مصر. الاهم هو قدرتها على قبول التغييرات والتوائم معها.

قوى الامن التونسية قبلت العمل مع المنظمات الحقوقية من اجل تطوير قدرتها وضمان خضوعها للقانون تحت رقابة المجتمع، حين لم تستطع المؤسسات الامنية المصرية التوائم مع متطلبات مرحلة ما بعد ٢٥ يناير وكان تعاونها مع المنظمات المدنية تعاونا شكليا بهدف احتوائها للنيل منها عندما تحين الفرصة. العامل الاهم فى تقديرى هو انحياز المجتمع المدنى المصرى إلى بعض اطراف العملية السياسية ضد اطراف اخرى فيها، وهو انحياز قضى على أى امل فى ان يلعب دور الوسيط .المشكلة انه لم يستطع ان يحمل القوى التى انحاز لها على احترام حقوق الانسان، فاتسعت الانتهاكات بعد ان وصل حلفاؤه إلى السلطة بأكثر مما كان عليه الحال قبلها !!. يحتاج المجتمع المدنى فى مصر إلى مراجعة مواقفه فربما استطاع يوما «ما» ان يحصل على تقدير دولى رفيع لا باعتباره ضمن «ضحايا» انتهاكات حقوق الانسان، ولكن باعتباره قد نجح فى وقف تلك الانتهاكات. نوبل ذهبت إلى من يستحقها؛ مبروك.
نجاد البرعى
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف