المساء
محمد أبو كريشة
من يوم ما فتحت.. شرف العرب من تحت!!
النائب "النايبة" الذي طلب كشف العذرية لطالبات الجامعات يعبر عن تراث مصري بل عربي عام وقديم متجدد وهو حصر الشرف والعرض بين أفخاذ الرجال والنساء.. إذ لا شرف ولا عرض ولا عار خارج هذه المنطقة.. نداء دائم للمرأة: كوني عذراء واحتفظي ببكارتك وافعلي بعد ذلك ما تريدين.. ونداء إلي الرجل: حافظ علي ما بين فخذيك وافعل بعد ذلك ما تشاء.. حتي التدين حصروه بين افخاذ الرجال والنساء.. وحصروه في التغطي الجسدي وبعد ذلك لا يهم التعري القلبي والعقلي والفكري.. وفي أخريات القرن التاسع عشر كتب المؤرخ والمستشرق الإنجليزي إدوارد ويليام لين الذي عاش في مصر سنوات طويلة أنه ذهب للتريض علي شاطيء النهر أو البحر "لا أتذكر" فشاهد امرأة تسبح في الماء عارية تماما.. وبعد قليل خرجت من الماء وفوجئت بوجوده.. فكان رد فعلها التلقائي السريع أن عبرت عن خجلها بتغطية وجهها بكلتا يديها.. ويقول لين: استدرت مبتعدا عنها لكن تصرفها السريع ترك لدي سؤالاً حائراً: لماذا غطت وأخفت وجهها ولم تغط عورتها؟ الجواب واضح يا عم لين: المهم ألا يرانا أحد نخطيء ونفعل المنكرات كلها والمهم ألا يتعرف علينا أحد والسؤال المصري الدائم: "حد شافنا؟" فيقال للسائل: لا فيقول: الحمد لله.. ربنا ستر.
البنات العربيات والنساء علي مواقع ما يسمي التواصل الاجتماعي يدخلن بأسماء مستعارة.. والمهم ألا يعرفهن أحد وهن يمارسن الرذائل.. ويا للعجب يدخلن بمظهر ديني في الاسماء والتعلقيات و"البوستات" ويضعن صور مصاحف بين أيدي نساء محجبات أو مخمرات أو منتقبات وبعد قليل "تشبك مع حد" وتبدأ العلاقات الحميمة والمحرمة فهؤلاء ومعهن الشباب يقدمون بين يدي جنسهم ورذائلهم تعاويذ وتمائم وصدقات كلامية دينية.. فالشرف العربي ألا يرانا أحد وألا يتعرف علينا أحد وأن تظل منطقة ما بين الافخاذ محجبة ومنتقبة للعامة ومكشوفة للأحبة والعشاق.. والعذرية عندنا والشرف للبكارات.. ولا شرف ولا عذرية للعقول والقلوب والوجدان.. "أنا عايشة بشرفي" معناها "أنا عايشة بعذريتي" حتي إذا كانت الفتاة "ماشية مع خمسين شابا" لا يهم مادام الشرف موجودا.. الشرف المصري والشرف العربي كله.. والدين العربي والاخلاق العربية والفضائل العربية محصورة في هذا الإطار الشكلي.. وبعده افعل ما شئت.. افسد كما شئت.. اسرق كما تشاء.. خن وطنك كما تشاء.. رافقي وصاحبي واعشقي الرجال كما تحبين مادام ما بين فخذيك لزوجك فقط "انت عايشة بشرفك" وشرفك لزوجك فقط.. لكن العشق والصداقات والعلاقات الليلية الهاتفية والمواقعة لا تمس الشرف "انت وهو عايشين بشرفكم".
والخيانات الزوجية ضد الشرف إذا كانت سريرية فقط.. لكنها إذا كانت حبا وعشقا وعلاقات ليلية هاتفية فهي صداقات بريئة.. ونائب كشف العذرية "إياه" من المؤكد أنه لا يعرف أن الشرف عام وشامل.. شرف الكلمة وشرف العهد وشرف الخصومة وشرف الصدق وشرف الأمانة وشرف الوطن الذي ينتهكه الإعلام والصحافة والساسة ونواب البرلمان.. كل لحظة هؤلاء جميعا يهتكون عرض الوطن ويلوثون شرفه ويفضون بكارته غصبا واغتصابا.. هؤلاء حبسوا الشرف بين افخاذ النساء والرجال.. واطلقوا سراح انعدام الشرف في كل الأمور الأخري.. الشرف العربي في الحضيض والعرض العربي يتعرض للانتهاك والأمة العربية تتعرض للاغتصاب في كل لحظة.. والفكر العربي يتعرض للمواقعة.. حتي صارت الأمة بين دعارة فكرياً وماخوراً ثقافياً ووكر رذيلة يضع لافتة دينية ولا أستبعد أبدا مع قابل الأيام أن نشهد لافتات دينية علي بيوت الدعارة أو أن نشهد شعار "الدعارة حلال" تماما مثل السياحة الحلال والطعام الحلال.. المهم "يبقي المنظر حلو" المهم أن يبدو معدومو الشرف شرفاء.. وأن ينبري اصحاب الرذيلة للدفاع عن الفضيلة وكشف العذرية.. المهم أن نضحك لكي تظهر الصورة حلوة ولا يهم ما نخفي من كراهية وحقد وانعدام شرف.. "طول عمري.. ومن يوم ما فتحت.. أري شرف العرب من تحت!!".
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف